|
أبناء تعز حين يصنعون هزائمهم
بقلم/ فاروق مقبل
نشر منذ: 9 سنوات و 4 أشهر و يومين الأربعاء 22 يوليو-تموز 2015 01:14 ص
حسم أو همس، في الجبهات وخطوط التماس ونقاط المواجهات أو عبر المفاوضات المغلقة في فنادق عواصم الجوار أو حتى في فنادق صنعاء، بهذه الطريقة أو تلك لن تعود تعز والشواهد كثيرة من ملف التاريخ القريب.
كيف ذلك؟
قدمت تعز الكثير للثورة اليمنية سبتمبر وأكتوبر سياسيا وعسكريا وكانت حاضرة صنع القرار السياسي اليمني لفترة امتدت منذ العام 1962 عقب الثورة وحتى 1980 م وحين تفجرت الحرب الأهلية بين الجبهة الوطنية والدولة وكانت تعز أحد مناطق الصراع الذي عرف بصراع المناطق الوسطى والذي انتهاء بسيطرة الدولة وانتهاء الجبهة الوطنية لم تخرج تعز من المواجهات إلا وقد فقدت وهجها وحضورها المؤثر في صنع القرار السياسي في البلاد ومع تحقق الوحدة اليمنية في العام 1990م فقدت تعز أي تأثير لها في صنع القر ار السياسي رغم القوى البشرية الكبيرة والمؤثرة في كافة وحدات الجهاز الإداري للدولة اليمنية ورغم احتفاظها بأكبر قوة ناخبين وأكثر قادة سياسيين ومجتمع مدني وووو.
ذوت تعز كشمعه اشتعلت حتى النهاية ذلك أن أبنائها لم يحسنون التعاطي مع ملف الجبهة الوطنية في مواجهة الدولة وبدلا من خوض أبناء تعز جانب المواجهات العسكرية مع الدولة، في سبيل تحقيق أهدافا سياسية واقتصادية وتنموية وتأسيس حضور أكبر لتعز في صنع القرار السياسي، حسمت الدولة أمرها بواسطة بعض من أبناء المحافظة " المشائخ الانتهازيين " مقابل حضور اسمي لهؤلاء في بعض مواقع صنع القرار دون أن يكون لتعز دور يذكر.
الأحداث الأخيرة التي شهدتها اليمن وتشهدها منذ مطلع العام الجاري قذفت بتعز مرة أخرى إلى واجهة الأحداث الدامية وبقوة حين قرر نفر من تعز هم أنفسهم من شريحة " المشائخ الانتهازيين " أن يخوضون بتعز وأبنائها مواجهة مدمرة مازالت مشتعلة وتكبر كل يوم نحو المزيد من الدمار وبدون أي هدف يمكن الإحساس به سوى تلك المصطلحات التي تتحدث عن المقاومة من أجل الكرامة والحرية والعزة، وما غير ذلك ليس سوى الانتصار لشرعية رئيس توافقي فر هاربا وترك الجميع يشتوون في نيران تدار من خارج الحدود اليمنية.
أبناء تعز مقاتلون أشداء في ميادين القتال العسكري أو في ميادين الحياة اليومية لكنهم دائما يستخدمون لتحقيق أهداف وغايات ليس لهم علاقة بها، وبينما تتضح الصورة يوميا في عدن لتكشف لنا عن صيغة اتفاق واقعي ومحبط بين أطراف النزاع الدامي الذي تعيشه اليمن منذ نحو 10 أشهر يقضي بتسليم عدن والمحافظات الجنوبية لتيار الحراك الجنوبي غير الموالي للرئيس الهارب وفق نظام فدرالي بين شمال وجنوب وهذه الصورة التي تبدو أكثر وضوحا وفي طريقها للتنفيذ على قدما وساق تستقطب السعودية رموز المحافظات الشمالية الدينية والعسكرية من التيار الموالي لها بغية أن تخوض بهم مواجهات دامية مع الحوثيين لاستعادة نفوذها بالشمال اليمني الممتد من صعدة وحتى تعز طالما أن إصرارها على يمن من 6 أقاليم يبدوا مستحيلا تماما ، فما الذي سيتحقق لتعز في نهاية الأمر غير الجراحات المثخنة والدماء المهدورة في كل بيت وقرية والدمار الذي طال كل مظهر للحياة.
يحسن أبناء تعز القتال، لكنهم لا يحسنون انتهاز الفرص لتحديد الوقت المناسب لصنع تاريخ سياسي على تلك الدماء التي فقدوها والتي لن تزهر أبدا كما هو الحال مع تلك الدماء التي زهقت في ثمانينيات القرن العشرين ولذلك فهم يحسنون صنع هزائمهم ذاتيا.
تعز بحاجة إلى رجال يدركون متى يحولون الدماء الطاهرة إلى نصر سياسي ويوقفون القتال بمقابل أن يكون لتعز حضورها في صنع القرار السياسي وحضورها في المناصب السياسية والإدارية بالدولة وحقها في الحضور الفاعل لأبنائها في كل المجالات السياسية والعسكرية، وحق أبناء شهدائها في الحصول على الراعية الكاملة من الدولة، لاأن يضلون مجرد قتلى في ذكرى اليمة نكتفي بالتمني ألا تتكرر يوما، وبدون ذلك فإن الحديث عن الحسم في تعز ليس عدا بمثابة التنبؤ بموعد الوفاة وهذه من علوم الغيب التي أختص بها الخالق عز وجل نفسه |
|
|