|
لا يمكن لي أن أكون مع الحوثيين كحركة تحمل السلاح في مواجهة اليمنيين ولا أن أكون خصما للحوثيين أحمل السلاح في وجوههم أو أدعو الناس إلى مقاومتهم لأسباب وأسباب ليس من بينها سببا شخصيا واحد، ولكنها أسباب أخلاقية وعملية.
أخلاقية إذ لا يمكنني انا المواطن المدني الذي انشد الدولة المدنية ولم أمتلك أو أحمل طيلة عمري الذي سيختم السابعة والثلاثين بعد أيام قليلة قطعة سلاح واحدة مهما خف وزنها، ولافرق عندي بين من يحمل مسدسا أومن يقود دبابة، فكلاهما يهددان أمن مواطن يمني أو مواطنين.
وأسباب عملية تتعلق بقدرة الحركة الحوثية أو حركة المقاومين لها بالسلاح أو بالممارسة السياسية كأحزاب اللقاء المشترك على إدارة هذا الوطن كدولة وممارسة الحكم فعليا وليس على صفحات موقع التواصل الاجتماعي " فيس بوك "
بيد جماعة "الحوثيين " دولة وسلطة استولوا عليها بقوة السلاح فلاهم تحملوا المسئولية ومضوا فيما سعو إليه بكل جدية وخيبوا ظني وضن الأخرين بهم وأنهم قادرون على الحكم والحفاظ على هذا الوطن الذي يجمعنا جميعا، وهذا على الأقل ما أرجوه ليس حبا أو تعاطفا أو تأييد ولكن خوفا على مصير هذا الوطن الذي ينزلق يوما وراء أخر نحو التلاشي.
يريد الحوثيين الاستمرار في تصرفاتهم وممارساتهم كجماعة استولت على الحكم في البلاد ولكنها مازالت تقابل برفض الأحزاب والمكونات السياسية من حولها مشاركتها في إدارة البلاد ولا يريدون التصرف كحاكم فرض نفسه على الأقل في مساحة جغرافية تمتد من صعدة حتى حدود محافظتي إب وتعز مرورا بالعاصمة وأن عليهم مسئولية إدارة شئون ملايين اليمنيين في تلك المساحة على الأقل بما يمكنهم من تقديم صورة مصغرة لكونهم الأجدر بحكم اليمن وأضمن لهم إذا كانت إدارتهم لشئون تلك المحافظات جيدة فإن ذلك سيحقق لهم من القبول المجتمعي لدى مدن تعز وعدن والضالع ولحج والحديدة والبيضاء ومأرب مالم يحققه السلاح
يسيطر الحوثيين على المؤسسة العسكرية والأمنية في البلاد ومع ذلك يصرون على ترديد وتكرار الحديث كل ثانية في حياتهم لمصطلح "الجيش واللجان الشعبية " غير مدركين أنه لا يمكن الجمع بين الأختين بتلك الصورة وكان الأجدر بهم التوقف عن ذكر وتداول مصطلح " اللجان الشعبية " طالما أنهم اليوم باتو المسيطرين على الدولة، وذابت لجانهم الشعبية في قوات الجيش وقوات الأمن ولكنها بقيت كيان مسلح قائم بحد ذاته.
إذا كان ما سلف يمنعني أن أكون " حوثيا " فما الذي يمنعني أن أكون مع المقاومة الشعبية إذا؟
والجواب على هذا هو تمنعني الحركة الحوثية نفسها عن ذلك ليس بفرض الإقامة الجبرية على شخصي ولابتهديدي فلست أشكل عليها أي خطر ولكن لأن هذه الحركة الحوثية والحوثيين والمتعاطفين معها والمؤيدين لها هم مواطنون يمنيون من أبناء هذا الوطن مثلهم مثل أي مواطن يمني أخر في تعز أو صنعاء أوعدن أو الحديدة في مأرب أو الجوف في أبين أو شبوة في أي محافظة أو مديرية والدعوة إلى مقاومتهم بالسلاح هي دعوة إلى حرب داخلية بين اليمنيين أنفسهم هي دعوة إلى سفك الدم اليمني وتدمير البيت اليمني وقتل الطفل اليمني وتشريد الأسرة اليمنية ومن لديه ذرة عقل لا يمكن أن يقبل بذلك من أي طرف.
المقاومة هدف نبيل حين تلك المقاومة في وجه عدوان غاشم قادم من وراء الحدود، لكن المقاومة ليست عدا عمل تخريبي مدمر وفتنة لا نهاية لها حين يكون في قريتي كمالي من عائلتي يقود فصيلا مسلحا للمقاومة في جبل جرة بمدينة تعز وكمالي أخر تربطهما ببعض علاقة مصاهرة ونسب يقود فصيلا مسلحا للجان الشعبية " الحوثيين" للاستيلاء على جبل جرة.
المقاومة فتنة وتخريب وقبح حين سيكون على إخوتي في بيت "القاضي" التعرض للمضايقات والتهديد بالقتل والتشريد لأنهم يقفون مع المقاومة من أشخاص من عائلتي بيت "الكمالي" لأنهم يحسبون أنفسهم في مهمة إلهية ووطنية تهدف إلى تخليص البلاد من الدواعش والحال كذلك بالنسبة لمن يعتبرون أنفسهم في مهمة الدفاع عن الكرامة والحرية وتخليص البلاد من الروافض والمجوس.
يكدح أبني قريتي من رأس الجبل وحتى أسفل الوادي في منطقة الشريف بشرعب السلام محافظة تعز وهم يتوزعون على عائلتين كبيرتين " الكمالي - القاضي" وفيهم القضاة والمهندسين والأكاديميين والمدرسين والعسكريين والإعلاميين والأطباء والفنيين والعاملين بالأجر اليومي وهم يحملون مؤهلات جامعية مختلفة ولم يجدون الوظيفة، يكدحون في هذه الحياة بعد أرزاقهم في مختلف مدن ومديريات هذا الوطن جماعات وأفرادا طيلة أيام السنة وبعضهم لا يعود إلى قريته إلامرة كل عامين أو ثلاثة أعوام أو أربعة أعوام، وحين يعودون سيجدون جمرا من العدوات ورغبات الانتقام بين بعضهم البعض لمجرد أن أخ أو نسب أو خال أو عم قتل وهو في صف المقاومة حين حاول فصيل من اللجان الشعبية التي يقودها جاره فلان السيطرة على جبل الزنوج " مثلا "، وربما يكون هذا العائد بعد سنوات أربع هدفا مشروعا لرصاصات قاتل لم يجد أين يأخذ بثأره ؟
هذا ما تؤسس له المقاومة التي تنادوني إليها والتي تطلبوني بالوقوف معها قتال بين الأخ وأخية بين الجار وجاره وفي النهاية سنعود مجددا إلى الحرب الأهلية التي كانت هنا في جبال شرعب في ثمانينيات القرن المنصرم؟ وحينها لن تقف إلى جانبكم إيران ولا المملكة السعودية فلا أهمية لكم ولا ثمن
في الإثنين 20 يوليو-تموز 2015 05:41:43 م