إستهداف الصحفيين في اليمن يساعد على عزلة اليمن ويغيب نقل الحقيقة
الإثنين 11 يناير-كانون الثاني 2021 الساعة 06 مساءً / المركز اليمني للإعلام
عدد القراءات (827)

في ظهيرة الـ30 من ديسمبر/ كانون الأول 2020، وبينما كان أعضاء الحكومة، التي تشكلت لتوها بعد مخاض عسير، يضعون أقدامهم على سلالم الطائرة، التي حطت في مطار عدن، دوت ثلاثة انفجارات متتالية، أودت بحياة العشرات من المدنيين.

تركت الهجمات المشهد، الذي كان فوضويًّا وبدون ترتيب في بدايته، مكتظًّا بمناظر قاسية للضحايا على الأرض؛ 25 قتيلًا وقرابة 130 جريحًا كانت حصيلة تلك الانفجارات الدامية.

ولئن بدا هذا المشهد مألوفًا وبمثابة صدمة، فإنه يعبر عن واقع ثابت، وهو أن هذا السيل من دماء اليمنيين الذي بدأ في الانسكاب عام 2014، لا يبدو أنه سيتوقف في القريب.

أحد الضحايا كان الصحفي أديب الجناني، مراسل قناة بلقيس، الذي توفي أثناء تغطية مراسم وصول الحكومة داخل مطار عدن، ليفارق الحياة في أحد مستشفيات المدينة.

تأتي حادثة وفاة الجناني، مراسل قناة بلقيس، لتضاف إلى عشرات الحوادث التي راح ضحيتها صحافيون أثناء تأدية عملهم في اليمن، الذي يصنف ضمن أخطر البلدان على حياة الصحافيين. وفي بلد مثل اليمن، حيث تنتهك حقوق الإنسان الأساسية، يعرّض الصحفيون، وخاصة المراسلين الحربيين حياتهم للخطر، حين ينقلون المعلومات من الخطوط الأمامية للحرب.

لدى أطراف الصراع في اليمن سجلٌّ حافل فيما يتعلق باستهداف الصحافيين. في العام الماضي (2020) قتل ثلاثة صحافيين، بالإضافة إلى 143 انتهاكًا سُجِّل ضد الحريات الإعلامية في اليمن، تنوعت بين القتل والاعتداء والاختطاف والاعتقال والتهديد، بحسب مرصد الحريات الإعلامية.

في صبيحة يوم الخميس 16 أيار/مايو 2020 استهدف التحالف العربي الذي تقوده السعودية والإمارات بغارة جوية منزل الصحفي عبد الله صبري في العاصمة صنعاء، سقط على إثرها ثلاثة من أفراد أسرته قتلى وجرح والده وابنه، وخلفت الهجمة أثراً مروعاً على الحي، وتأثيرات نفسية بالغة للسكان.

وفي مطلع يناير/ كانون الثاني 2020، وبينما كان نبيل القعيطي، وهو صحفي متعاون مع وكالة فرانس برس، خارجًا من منزله في عدن، اعترض مسلحون مجهولون سيارته وباشروه بعدة رصاصات ليردوه قتيلًا على الفور.

وكان القعيطي نجا من الموت في أوائل كانون الثاني/ يناير 2019، بعد هجوم شنته جماعة أنصار الله (الحوثيون) بطائرة دون طيار على قاعدة العند الجوية في محافظة لحج، أثناء استعراض عسكري كان يقوم بتغطيته. 

وقد خسرت قناة بلقيس، التي انطلقت في فبراير 2015، بالإضافة إلى الجناني، أربعة من مراسليها في الميدان.

في 13 أبريل/ نيسان 2018، قتل عبدالله القادري أثناء تغطيته للمواجهات المسلحة بين قوات تابعة للرئيس المعترف به دوليًّا (هادي)، وبين مقاتلين من جماعة أنصار الله (الحوثيين) في محافظة البيضاء، وقالت القناة في موقعها على الإنترنت، إن طاقمها الذي كان القادري أحد أفراده، تعرض للقصف المباشر من قبل مقاتلي أنصار الله (الحوثيين) أثناء تغطيته للأوضاع الميدانية في المناطق التي سيطرت عليها قوات الحكومة المعترف بها دوليًّا بمحافظة البيضاء. 

وفي 22 يناير/ كانون الثاني 2018، قتل مصوّر القناة في تعز محمد القدسي، بقصف صاروخي لجماعة أنصار الله (الحوثيين) على إحدى بلدات مديرية "المعافر"، وفي مايو/ أيار 2015، قتل مراسل القناة عبدالله قابل في ذمار، برفقة زميله يوسف العيزري، بغارة جوية لطيران التحالف العربي الذي تقوده السعودية والإمارات، عقب قصف جبل هران الذي كان أنصار الله (الحوثيون) يتخذونه مقر احتجاز.

وقد حمّلت منظمة مراسلون بلا حدود جماعة أنصار الله (الحوثيين) المسؤولية عن مقتل قابل والعيزري، وقالت إنهما كانا محتجزَين كرهينتين.

في الوقت الذي فر فيه العديد من الصحفيين من البلد، يواصل البعض الآخر تذكير العالم بتأثير الحرب على المدنيين، وأحيانًا يكون ثمن هذه التغطية المستقلة حياتَهم

عمل النزاع الدائر في البلاد منذ أكثر من ست سنوات، على جعل عمل الصحافيين أكثر صعوبة، ووفر الاستقطاب الإعلامي بيئة خصبة لاستهداف الصحافيين، بغض النظر عن الجهة التي يعملون لصالحها.

وفي العام 2015، حثّ زعيم جماعة أنصار الله عبدالملك الحوثي، مقاتليه على قمع الصحفيين واستهدافهم، في خطاب متلفز، قال فيه إن "المرتزقة والعملاء من فئة المثقفين والسياسيين والإعلاميين أخطر على هذا البلد من المرتزقة المقاتلين في الميدان إلى جانب العدوان"، مضيفًا: "يجب على الجيش واللجان الشعبية التصدي لهم بحزم".

في نوفمبر 2020، أعلن الاتحاد الدولي للصحفيين في تقرير نشره على موقعه الإلكتروني، مقتل 44 صحفيًّا في اليمن، خلال 10 سنوات امتدت من عام 2010 وحتى نهاية سبتمبر/ أيلول 2020.

وذكر التقرير أن العديد من الصحفيين قتلوا "نتيجة القتال الدائر بين الحوثيين والقوات الحكومية المدعومة من التحالف بقيادة السعودية."

ولفت إلى أنه "لم يتم تقديم أيٍّ من الجناة المتسببين بمقتل هؤلاء الصحفيين إلى العدالة"، مبينًا أن "هناك عددًا من العوامل التي تعطل اتخاذ إجراءات قضائية ضد قتلة الصحفيين، منها الحرب الدائرة، وحالة عدم الاستقرار، وتعدد السلطات في ظل غياب مؤسسات موحدة للدولة، فضلًا عن انتشار مشاعر العداء تجاه الصحافة والصحفيين." وذكر التقرير أن "الفصائل المتحاربة تعتبر الصحفيين أعداء لها".

وأصبح يطلق على الوضع في اليمن اسم "الحرب المنسية"، بسبب قلة التغطية الإعلامية الدولية للنزاع الدائر في اليمن؛ نتيجة صعوبة إنتاج تقارير مستقلة من اليمن، وكل هذا أدى إلى شح في التغطية الإخبارية للأزمة اليمنية.

وفي الوقت الذي فر فيه العديد من الصحفيين من البلد، يواصل البعض الآخر تذكير العالم بتأثير الحرب على المدنيين، وأحيانًا يكون ثمن هذه التغطية المستقلة حياتهم. والفئة الأكثر عرضة لمخاطر تغطية الحرب هم الصحفيون المحليون.


تعليقات:
    قيامك بالتسجيل وحجز اسم مستعار لك سيمكنكم من التالي:
  • الاحتفاظ بشخصيتكم الاعتبارية أو الحقيقية.
  • منع الآخرين من انتحال شخصيتك في داخل الموقع
  • إمكانية إضافة تعليقات طويلة تصل إلى 1,600 حرف
  • إضافة صورتك الشخصية أو التعبيرية
  • إضافة توقيعك الخاص على جميع مشاركاتك
  • العديد من الخصائص والتفضيلات
للتسجيل وحجز الاسم
إضغط هنا
للدخول إلى حسابك
إضغط هنا
الإخوة / متصفحي موقع المركز اليمني للإعلام نحيطكم علماُ ان
  • اي تعليق يحتوي تجريح او إساءة إلى شخص او يدعو إلى الطائفية لن يتم نشره
  • أي تعليق يتجاوز 800 حرف سوف لن يتم إعتماده
  • يجب أن تكتب تعليقك خلال أقل من 60 دقيقة من الآن، مالم فلن يتم إعتماده.
اضف تعليقك
اسمك (مطلوب)
عنوان التعليق
المدينة
بريدك الإلكتروني
اضف تعليقك (مطلوب) الأحرف المتاحة: 800
التعليقات المنشورة في الموقع تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر عن رأي الموقع   
مواضيع مرتبطة
احترق منزلهم وانهارت أحلامهم: "العم أبوبكر".. ملامح تشرد وشتات حتى إشعار آخر
اليمن.. نساء في مواجهة التبعات الاقتصادية للحرب
تقرير: 300 ألف شخص فقدوا منازلهم وممتلكاتهم جراء الأمطار والسيول في اليمن
فيضانات اليمن: كيف "تنبأ" رئيس فرنسا السابق فرانسوا ميتران بالأمطار الغزيرة
انتشار للحميات والإسهالات المائية بحيس.. المستشفى الريفي يفتقر للأدوية