أمجد المقبلي والسيول في عدن.. شاب في الـ26 من عمره منح “روحه” لمدينته ورحل
الثلاثاء 05 مايو 2020 الساعة 10 مساءً / المركز اليمني للإعلام
عدد القراءات (1025)

في مواجهتها السيول وآثارها وأمراضها كشفت “عدن” عن معدن متحضر شديد الولاء للمدينة وأهلها، هب شباب في مقتبل العمر يقدمون الخدمات وينقذون الناس ويستخفون بالمخاطر، يشجعون بعضهم، ويتحسسون آلامهم، وحين يفقدون عزيزاً منهم يتشاركون عزاءه ويتخذونه ملهماً لمواصلة جهدهم..

وفي خضم ذلك كله، احتاج الناس للمعلومات لمتابعة الحال، وبسبب ضغط الصراعات السياسية، وفقدان الثقة بالجهات الرسمية، وغياب المصادر المهنية، تصدى شباب للنشر في صفحات شخصية بعضها معروف وبعضها مجهول، وعلى عكس نتائج الأفعال فإن الأقوال هذه كان بعضها له تأثير سيئ على الأفراد وعائلاتهم..

حيث راجت الأخبار الكاذبة لمجرد نشر أحدهم سطراً واحداً يعتبره الجميع كأنه مصدر مكتمل، فيروجون المنشور فيما أغلبهم لا يعرفون الحقيقة، وكلما ظهرت أسئلة جانبية تصدى التخمين لتوفير الإجابات.. إما حسن نية وإما قصداً مسيئاً.

وبسبب أخبار كورونا، فقد تحول كل “ميت” في عدن إلى مصاب مؤكدة إصابته، وكل يعلن من جهته ما يظنه كدليل قطعي، وقد سبب ذلك إرباكاً كبيراً لدى العائلات التي فقدت أبناءها، حيث يتحول الافتراض إلى محاكمة.. وفقدت التعازي والمواساة قيمتها.

كانت حادثة “أمجد المقبلي، واحدة من هذه الحوادث، فقد جميع “نيوزيمن” كل ما كُتب عنه حماساً مع هذا الشاب الذي قدم أنموذجاً للعدني الفدائي لأبناء حافته، حيث كان من أوائل من تواجد في طرقات السيول في حي القاضي بالعيدروس مديرية صيرة، ينقذ هذا ويساعد هذا ويواسي ذاك، وهو شاب في نصف عقد عمره الثالث، من موليد24 مايو 1994م.

فجع رحيله زملاءه، فخاضوا جدالاً عنيفاً مع “الإهمال” في الإدارة الصحية للمدينة، وانشغلوا بالبكاء عنه ولم يعرفوا غيرهم بما قدمه زميلهم إلا القليل، ثم ختموها بالتشكك بشأن سبب وفاته وخلطوا حزنهم بأخبار كورونا وتجادلوا مع بقية الحميات التي تعاني منها عدن جراء الأمطار التي تكمل ترسباتها يومها الـ13 ولا تزال موجودة في الطرقات العامة والأزقة الداخلية..

زار “نيوزيمن” حي أمجد، والتقى بأهله على مدى ليلتين، شاركهم الحديث محاولاً الكتابة عن “أمجد” النموذج العدني الإنساني الذي يستحق التكريم شهيداً فدائياً.. فهذا هو الأهم، أما سبب وفاته فلم يعد شأناً يخصه هو، المرض والآثار والأسباب أمر يخص الأحياء وحدهم، أما “أمجد” فهو فقط يستحق التكريم.. وعائلته لا تريد أن يصبح ابنها ميداناً للصراع بين الأحياء..

في الليلة الأولى، أعربت الأسرة عن تحفظها في الحديث، فعلى مدى أيام منذ وفاة ابنها يوم الجمعة، الأول من شهر مايو، لم يراع الناشرون حزنها ووجعها، وأغرقوا اسم ابنها بالأحاديث التي لا تسند إلى أي دليل. وفي الليلة الثانية عاتبنا لأننا ما زلنا نسأل عن ما يهم الناس، فيما كل همها هي أن تترك هي وحزنها على فقيدها.. لا يهم الفاقد أسئلة الناس، فقلبه ممتلئ وجعاً لمجرد الفقد.. لا لسببه.

أكد لنا شقيقه أنه في يوم السيول خرج “أمجد” مع مجموعة من شباب الحي من أجل إنقاذ الناس، وقد أصيب جراء ذلك برجله، وقد ربطها في ذلك الوقت بقطعة قماش، لكن الماء المتدفق لوث جرحه، ومن ثم جاءت له الحمى، وعندما أخذوه للمستشفى، شخّصه الطبيب بأنه مكرفس، وأعطاه بعض الأدوية، لكن ازدادت حالته سوءاً حتى وافته المنية.

كان أمجد، أنموذجاً لشاب يقوده طموحه وإيمانه بنفسه، وحبه للخير وانتماؤه لناسه.. أقرباء الدم وأقرباء المكان وشركاء الأنفاس، كتب عادل الباكي عنه: “لن أنسى وقفته معي بعز ضيقي يوم وفاة والدي، فقد سهل لنا توفير المغسل لغسله”، يضيف: “كان شاباً زي العسل، طيب وخدوم ومحبوب”.

وكتبت الدكتوره أنهار فيصل قائد: “عرفتك شجاعا قويا وفاعلا للخير”، متذكرة “قبل عشرة أيام حضرت مع ماجد ابن أختي لإنقاذنا من السيول.. أنت من كسرت الجدار وغرفت الماء وشفطت.. وحملت ونقلت ونظفت عيادتي وبيتنا مع أصحابك.. وكنت شعلة نشاط”.

تسجل أنهار موقفا بطوليا يلخص إيمان أمجد بذاته ودوره، فتقول: “رجلك انجرحت يا أمجد، وكان دمك يسيل وما قدرت أسعفك لأن ما في عيادتي من أدوات إسعاف قد تلف.. ربطتها بقطعة قماش واستمريت في التنظيف”.

أما “إياد الحمادي” فيصور تشييع الناس لأمجد ويكتب:

“اسالوا عدن ما الذي أبكاها اليوم..

تساءلت ليش كل هذه الناس تبكي، وليش كل الناس حاضرة، وليش هذا التجمع وهذه الاتصالات وهذه الصدمة وهذا الحزن؟

الله الله يا أمجد ما أطيب ذكرك بلسان الناس. الله يا أمجد ما أجمل وما أفضل ذكرك ومدحك.. الله يا أمجد، الناس كيف مقهورة عليك وكيف تذكر كل محاسن حياتك.

زرعت حبك بقلوب ناس وهي ما تعرفك..

كل الناس تترحم عليك”.

#نقلاً عن نيوزيمن


تعليقات:
    قيامك بالتسجيل وحجز اسم مستعار لك سيمكنكم من التالي:
  • الاحتفاظ بشخصيتكم الاعتبارية أو الحقيقية.
  • منع الآخرين من انتحال شخصيتك في داخل الموقع
  • إمكانية إضافة تعليقات طويلة تصل إلى 1,600 حرف
  • إضافة صورتك الشخصية أو التعبيرية
  • إضافة توقيعك الخاص على جميع مشاركاتك
  • العديد من الخصائص والتفضيلات
للتسجيل وحجز الاسم
إضغط هنا
للدخول إلى حسابك
إضغط هنا
الإخوة / متصفحي موقع المركز اليمني للإعلام نحيطكم علماُ ان
  • اي تعليق يحتوي تجريح او إساءة إلى شخص او يدعو إلى الطائفية لن يتم نشره
  • أي تعليق يتجاوز 800 حرف سوف لن يتم إعتماده
  • يجب أن تكتب تعليقك خلال أقل من 60 دقيقة من الآن، مالم فلن يتم إعتماده.
اضف تعليقك
اسمك (مطلوب)
عنوان التعليق
المدينة
بريدك الإلكتروني
اضف تعليقك (مطلوب) الأحرف المتاحة: 800
التعليقات المنشورة في الموقع تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر عن رأي الموقع   
مواضيع مرتبطة
صنعاء ... تردي الأوضاع المعيشية تنعكس سلباً على المستأجرين
سجناء "الإجراءات" رهائن أبديون …
اليمن.. أكثر من مليون امرأة حامل مصابة بسوء التغذية
الفايننشال تايمز: فيروس كورونا ينجح في مهمة "تقويض العولمة"
الانترنت في اليمن الأضعف جودة والأغلى عالمياً