ودراسته سيف القادري يطلب ، منه الإنضمام الي هذه الثورة ، قهقه ضاحكا ً حتى برزت نواجذه ، وقال ( كيف أنضم لشباب ، دفعتهم القوى المعادية للوطن للخروج على الحاكم ، مقابل أثمان بخسة؟ ) سيف القادري (وهل تصدق مزاعم وإدعائات قوى النظام ؟ ) نضال ( سأكون صادقا ًمعك ، كما عهدتني دائما ً، إذا نالني من الحب جانب ، مما حصلتم عليه ، فأنا مستعد لأنضم إليكم ) صوب صديق عمره سيف القادري اليه نظرة يملأها الإحتقار ، وتركه ، ورحل بدون أن ينبس ببنت شفة ، بعدها بعدة أيام ، طلب مسؤول رفيع يعمل في مقر الحزب الحاكم ، الذي يعمل فيه ، نضال ، منه أن يلتقي به لأمر هام ، وفي اللقاء ، وجد نضال عدد من زملائه الشباب العاملين في المقر هناك ، طلب منهم هذا المسؤول تقديم إستقالاتهم بشكل علني من العمل في المقر، والإنضمام الي شباب ثورة فبراير ، والتوجه الي ساحة الإعتصام إبتداءً من صباح اليوم التالي ، كما أخبرهم أن هناك نفقات ستصرف لهم ، تصل إلي مائة دولارأمريكي يوميا ً ، تهللت أسارير نضال الباسم ، فالمال عنده ،هو كل شيئ ، قطع حبل أفكاره المادية الضحلة ، صوت المسؤول وهو يقول لهم ، (نريد منكم تقرير يومي عن كل مايجري هناك ، ونريدأسماء المعتصمين ، وكل مايخططون له ، في ساحة الإعتصام ) في صباح اليوم التالي ، كان نضال الباسم ،في مقدمة الحشود ، في ساحة الإعتصام ، هتف حتى بح صوته ، بعبارات نارية وجريئة ، تطالب برحيل النظام ، وتكشف فساده وإستبداده ، أصبح يتواجد على المنصة ، بشكل شبه يومي ،كان يلقي بالخطب الرنانة والأشعار الثورية ، وينتحب على الوطن الذي سلبه النظام لأكثرمن ربع قرن من الزمان ، أصبح ناشطا ً سياسيا ً في غمضة عين ، وأستضافته ، القنوات المساندة لثورة الشباب بشكل دائم ، كما إستضافت زملائه ، لقد سيطر نضال الباسم وزملائه ، على منصة الإعتصام ، وكانت لهم أكثر من ثلاثة وعشرين خيمة إعتصام في الساحة ، ونجحت أهداف من زرعوهم في الساحة بين الثوار بإمتياز ، وفرح سيف القادري ،كثيرا ً ، عندماإنضم نضال إلي الثورة ، وعندما إلتقى به في ساحة الإعتصام ، قال له وهو يسدد إليه هذه المرة نظرة يملأها الإعجاب ، والفخر ،و يشوبها بعض الشك ( أخيرا ً ،إقتنعت ، مرحباً بك ، في رياض الخير ، والتغيير ) نضال ( لقد وجدتُ ذاتي ، هنا ، بينكم ) ، بعد عدة أيام ، إختارشباب الثلاثة والعشرين خيمة الثائر نضال الباسم ، مسؤولاً إعلاميا ًعن ساحة التغيير ، في العاصمة ، ومنسق اللجنة الإعلامية ،
في الهيئة التنسيقية لمجلس شباب الثورة السلمية ، أصبح نضال الباسم ، من رموزثورة الشباب ، بينما أُقصى سيف القادري وزملائه الثوار، من تنسيقية مجلس شباب الثورة ، ومن الإستضافة في كل القنوات المساندة للثورة ، و من منصة ساحة الإعتصام ، وأقصواأيضاً من الحياة ،في يوم جمعة الكرامة، ذلك اليوم الذي تلاشى فيه نضال الباسم ،وكل زملائه ، من الساحة قبل الهجوم عليهابدقائق معدودة ، بعد أن تم إخطارهم بأن يغادروا الساحة ، عقب إنتهاءصلاة الجمعة مباشرة ً، كان خطيب جمعة ذلك اليوم الدامي في ساحة الإعتصام ، هو نضال الباسم ، الذي ألقى خطبة رنانة ، بليغة ،و ثورية ، حتى النخاع ، وكما بدأخطبته بأبيات شعرية ، ثورية ،من قصائده ،ألهبت حماس الحاضرين ، والمشاهدين للخطبة التي كانت تبث على الهواء مباشرة ً، ختم خطبته ، بأبيات شعرية ، ثورية ، بثت روح الحماسة ،والشجاعة ،والإقدام ، في قلوب شباب الثورة ، في كل مكان ، وبينما كان نضال الباسم ، متورايا ً عن الأنظار، في منزل قريب ، من ساحة التغيير ، يكتب قصيدة عصماء .
أخرى ، يرثي فيها شهداء جمعة الكرامة ، إستعدادا ً لإلقائها في القنوات المساندة للثورة ، وفي ساحة التغيير ، يوم غد ، كان سيف القادري ، وزملائه ، يواجهون ،رصاصات الغدر ، بصدورهم العارية ، إلامن الحب الطاهر لهذا الوطن الأسير ، والمخدوع ، كانوا يتساقطون ، الواحد تلو ، الأخر ، كأوراق الخريف ، لم يخشوا الموت في ذلك اليوم ، ولاكن الموت كان يخشاهم ، ولم يخطف أرواحهم ، إلا على إستحياء ، وخوف ، ورهبة ، خطف الموت أرواحهم ، وهو يؤمن ، أنه ، يحررهم ، من الخيانة ، والغدر ،والمكر ، والخداع ، لقد تمنى الموت فقط في ذلك اليوم ،أن يعصي الأوامر، وأن يتمرد ، وينزع روح نضال الباسم ،ورفاقه ، القابعون في المنازل المجاورة للساحة ،وأن ينزع روح القتلة ، ومن يقف ورائهم ،لقد تمنى الموت في ذلك اليوم أن يقاتل في صف سيف القادري ورفاقه الأحرار ، لقد روت دماء سيف القادري ورفاقه ، شجرة الحرية ، والكرامة ، والتغيير، فنمت ،وتعاظم نموها ، وأطبقت بأفرعها و بأغصانها ، وأوراقها الذهبية ،على أعناق الطغاة والمستبدين والجبابرة ، فأجبرتهم على الرحيل ، في الذكرى الأولى لجمعة الكرامة ، وقف الوزيرالشاب نضال الباسم ،الذي جائت به ثورة فبرايرالشبابية الي الوزراة ممثلا ً عن الثلاثة والعشرين خيمة ،أمام الحشود الشبابية في ساحة التغيير، وألقى خطاباً ثوريا ًبليغا ًكعادته ، ورثى شهداء جمعة الكرامة ، حتى تساقطت دموع الحاضرين،وعلا نحيبهم ، وقبل أن يسترسل في رثائه ، غارت عيناه من هول مارأت ، وعقدت المفاجأة لسانه، فتلعثم ، وتأتأ،فلقد كان "سيف القادري " يقف هناك بين الحشود ، يرمقه بنظرة يملأها الإحتقار.