|
فبراير.. سلمية الثورة
بقلم/ أحمد عبدالمغني
نشر منذ: 8 سنوات و 10 أشهر و 13 يوماً الأحد 07 فبراير-شباط 2016 11:40 ص
بقليل من الأمل وكثير من الألم، يترقب اليمنيون مآلات الحرب التي تدخل عامها الثاني، دون مؤشرات حقيقة على انفراجة قريبة.
وعدا اخبار القتل والدمار ومناظر الاشلاء والدماء ورائحة الباروت، لا جديد يمكن ان يصب في خانة الأخبار السارة، التي ابتعدت عنا مثلما ابتعد السلام ومقومات الاستقرار في البلد الذي سمي مجازاً بالسعيد.
وليس هناك أسوأ مما نعيشه اليوم سوى محاولات البعض تحميل ثورة 11 فبراير التي تقترب ذكراها الخامسة بعد أيام، مسؤولية ما آلت اليه الاوضاع في البلد اليوم.
وسواء كان الربط مقصودا او عفويا، فان تحميل ثورة الشباب مسؤولية هذا الخراب الذي تعيشه اليمن، مغالطات واضحة وتشويه متعمد لثورة شعبية سلمية بيضاء، ابهرت العالم ونقلت صورة حضارية عن اليمنيين الذين عبروا عن حاجتهم للدولة المدنية الحديثة، والحرية والديمقراطية، وبرهنوا على سلميتهم بأن خرجوا الى ميادين وساحات الثورة بصدور عارية مخلفين وراءهم 60 مليون قطعة سلاح.
لم يكن شباب الثورة يوما دعاة للحرب والعنف، وحين كان يسقط الشهداء في مسيراتهم الراجلة برصاص العسس، كانت الحناجر تهتف بأعلى صوت: سلمية .. سلمية.
انتصرت الثورة او هكذا قيل لشبابها، لكن النظام الذي خرج الثوار لإسقاطه ظل جاثما على السلطة التي تحولت الى كعكة تم تقاسمها وفقا لتسوية سياسية، اخرجت الثوار من الساحات، وأبقت لنظام الحكم السابق نصيب الاسد.
كان شباب التغيير على دراية كاملة بان الثورة التي لا تكتمل تعود لتأكل أبناءها، ولم يقتنعوا بنصف الثورة ونصف النصر، ولولا مبرر "حقن دماء اليمنيين" الذي كان يسوقه "العقلاء" للشباب، لرفضوا التسوية ومخرجاتها.
غير أن السلام الذي من اجله غادر الثوار ساحاتهم لم يتحقق، وعاد النظام السابق لينتقم من كل اليمنيين بالشراكة مع اعداء الامس وأصدقاء اليوم. عمد صالح للانتقام من شباب الثورة ورجالها ومدنها ومحافظاتها كلا بقدر حضوره وعنفوانه في ساحات الثورة الشعبية السلمية.
وابتداء بإعاقة أي مشاريع اصلاحية وتنموية داخل جهاز الدولة، مرورا بتبديد فرص السلام والحوار، وصولا الى الانقلاب الكامل على السلطة عبر الوية الجيش التي ظلت تحتكم في الغالب لولاءات شخصية ومناطقية بعيدا عن الوطن.
لقد اجتاحت نزعة الانتقام العاصمة صنعاء، ووصلت الى كل مدن ومناطق اليمن، متناغمة مع مشاريع طائفية ودعم اقليمي لم يعد خافياً على احد، استغل هشاشة الوضع في البلد ولعب على التناقضات، وبات عدو الامس صديق اليوم، بناء على اهداف مشتركة وأجندات عدة.
تلك حكاية ثورة 11 فبراير التي منحت السلام للجميع بما فيهم اولئك القتلة التي رضخت لمطلب تحصينهم من المحاكمة حقنا للدماء، فعاد القتلة مجددا للقتل والدمار بشراهة أكثر وإرهاب ليس له نظير.
لقد حشر الثوار ومعهم القوى السياسية السلمية في زاوية ضيقة، ودفعوا نحو الحرب والمواجهة المسلحة كاتجاه إجباري، ولم يعد هناك من خيار اخر للسلام سوى الاسراع في الحسم العسكري الذي يبدو انه سيسبق اي ترتيبات سياسية أخرى، او انه في اقل تقدير سيعجل من التوصل الى تسوية تعيد الشرعية وتنهي الانقلاب. |
|
|