أطراف النزاع في اليمن يستعدون للذهاب إلى مؤتمر جنيف بعد أن وافقوا على المشاركة في هذا الحوار الذي سيشكل تطور إيجابياً أو سلبياً بناءاً على النتائج. و لم تأتي هذه الموافقة إلا بعد أسابيع من المناورات السياسية. ماطلوا كثيراً و قدموا الكثير من الشروط وطرحوا العديد من المقترحات لكن في النهاية أعلنوا موافقتهم على الحوار تحت رعاية أممية في جنيف.
الموافقة ليست كل شيء وذهابهم إلى جنيف لا يعني أن الحل أقترب. قد يذهبون من أجل الحوار و لا يهدفون إلى الذهاب من أجل الحل. و لذا قبل أن يولوا وجوههم صوب جنيف عليهم أن يتذكروا أنهم في هذا المؤتمر لكي يصنعوا فارقاً إيجابيا في الوضع المزري الذي تعيشه البلاد و يعيدوا الأمل لشعب ينتظر الموت كل يوم.
المشاركون في جنيف ليسوا على جهل بما يحصل في اليمن. لم نعد نرى شيء أكثر من القتل والدمار ولا لم نعد نسمع شيء أكثر من الانفجارات و صراح الأطفال وأنين الجرحى من المدنيين. فهل بإمكان هؤلاء المتحاورون أن يتحلوا بقدر من المسؤولية وعمق التفكير واتزان الطرح و لا يصرخون و يتشابكون كالأطفال و يمكرون مثل ما حصل في مؤتمر الحوار الوطني الذي أنتهى و لم تنتهي معه مشاكل اليمن.
لا نريدهم أن يذهبوا من أجل أن ينتصروا لأحزابهم أو لأشخاصهم ومصالحهم. لا نريدهم أن يذهبوا لكي يبرروا للميليشيات اقتحام المزيد من المدن والقرى في الشمال والجنوب وخلق حروب عبثية لا تخدم مصلحة اليمنيين.
و لا نريدهم أيضاً أن يذهبوا لكي يبرروا لطائرات التحالف إرسال المزيد من الموت والرعب في طول الوطن وعرضه. الشعب يريد إيقاف قتله وتجويعه وحرمانه من أبسط الحقوق ،هذا هو ما يجب أن يذهب المتحاورون من أجله.
خلال هذه الأيام و قبل انطلاق مؤتمر جنيف الشعب يريد من الممثلين له في هذا المؤتمر أن يتذكروا الالاف من المدنيين الذين سقطوا في المواجهات المسلحة في اليمن و بفعل الغارات الجوية المرعبة. يريدهم أن يتذكروا الملايين من النازحين، يتذكروا معاناتهم ودموعهم.
هؤلاء الساسة عليهم أن لا ينسوا و لا يتناسوا أنهم السبب في مأساة هذا الوطن. ليتهم يخجلوا قليلاً و يدركون حجم المسؤولية. ليتهم يجعلوا اليمن أولاً.