لا مؤشرات واضحة وصريحة على أننا سنتجاوز معضلة الإنهيار والموت على ضفاف الأوهام الخادعة والشعارات الوطنية المفرغة من كل معنى وطنيٍ ، وليس أمامنا سوى انتظار أقدارنا المفزعة ، دونما أمل في أن يتحرك أحدُ لإنقاذنا ، ومنحنا التعويض العادل عمّا لحقنا من وجع وحزن وخراب حتى اللحظة.
يتقاسم السيئون التصرفات الخاطئة ، ويذهبون إلى أبعد من اقتراف الآثام والشرور ، وعلى النحو الذي يشعرك بمدى ما نحن عليه كشعب وقع ضحية فشله في كل شيء ، بما في ذلك محاولاته في أن يكون شيطاناً بغية هزيمة الشيطان نفسه.
حتى أن الفشل أضجى لصيقاً بحياةٍ ، ضاعفتْ من عدد اللصوص والقتلة فقط .
لا محفزات قادرة على استهاضنا للمضي بعيداً عن هذا الدرب المقفر والموحش ، أو للتمسك بالتفاؤل ومغادرة اليأس والإستسلام لهذا الذي بالغ الأوغاد في إهدائنا إياه .
بين جبهتين نقضي أيامنا رفقة وطننا المفتت وحكايات محشوة بآمال وأحلام نبيلة ، لن تتحقق بوسائل وأدوات متسخةٍ ، قياساً على كل الممارسات والسلوكيات ، التي قد تحول صاحب الحق الشرعي والقانوني ، إلى مجرد لص وعابث ، لا يختلف - متى مارسها - عن ذلك الذي نجزم بكارثية وجوده في حياتنا التي حولها إلى جحيم استثنائي ، سيظل الحوثيون أصحاب السبق والإمتياز في هذا الإنجاز بالغ الفرادة . داهم الحوثيون حياتنا ولم يعد في الجسد اليمني مساحة ما قد تصلح للعيش بمعزل من احتمالات التفكك والإندثار ، فيما داهم الشرعيون كل أفقٍ للنجاة وضربوا كل مفاهيم الكفاح والمقاومة والحرية ، ليكون الشرعيون - بحسب ممارساتهم - أقل من عصابة ، نجحت فقط - وخلال عامين - في إهداء اليمنيين مدناً وجماعات مسلحة ( مقاومة ) ، لم تكن جزءاً من الحل بقدرما باتت جزءاً من المشكلة مستعصية الحل .
تبدو مأرب كمحافظة محررة أشبه بحالة ونموذج قادرٍ ، على بث الريبة المتشحة بشعارات ملغومة ، وحدهم الأبرياء من يقفون في مرماها ، قياساً على ما يمارسه الحزام الأمني ضد العائدين ( المغنربين ) والمسافرين ، وبما يجعلنا أمام حالة مشابهة للحزام الأمني في عدن ، دون أن يكون للعرادة ردة فعل تجاه مثل هكذا ممارساتٍ ، قد تسيء إليه ، متى سلمنا أن لدى العرادة ما يمكن أن يدفعه إلى المحافظة والحرص عليه .
تحتضن مأرب مقاومة إب وتعز ، لتمنحها صلاحيات تصفية حساباتها العالقة عن طريق اختطاف المغتربين العائدين من السعودية ، بحجة انتماء ذوويهم ومناصرتهم لتحالف ( الحوثي - صالح ) ، ولعل اختطاف صائل جمال الحميري - العائد من السعودية - منذُ أربعة أشهر هو الإنجاز والإنتصار الذي حققته مقاومة إب حتى اللحظة .
لا أدري كيف يسمح سلطان العرادة لمثل هذه الممارسات بالحدوث في مدينة ، ربما تضعه في مرمى العجز كمحافظٍ ، ستحوله هذه الممارسات إلى قائد عصابة جلس على كرسي المحافظة الأول ، دون أن يدرك ما الذي يدور في أزقة مدينته ودروبها المزدحمة ب ( المقاومين ) ، وعشاق الجمهورية والحرية والقيم المدنية . يقود محافظ إب المعين من قبل هادي معارك الحرية والإنتصار من مدينة مأرب والذي افتتح معاركه الشريفة - كقائدٍ للمقاومة ومجلسها العسكري - بإغتيال الشهيد المقدم مالك أحمد خرصان عضو المجلس العسكري قبل عام من هذا التأريخ ، داخل مدينة تعز ، علي يد نجله محمد عبدالوهاب الوائلي ومرافقيه ، دون أن نجد للشرعية موقفاً تجاه تلك العملية الممتلئة بالخسة والوضاعة ، مكتفيةً وبطريقة منتقصة لحياة قائد عسكري ، كنا نعتقد أن الشرعية ستقتص من قاتليه ، لا تعيينه محافظاً لمحافظة إب . لا أعتقد أن عملية إختطاف صائل جمال الحميري ، قد تمت دون علم عبدالوهاب الوائلي محافظ إب الشرعي ، إذ أن قلة الشرف المكتنف لتلك العملية ، والرغبة في تصفية حسابات سابقة ، هي السمة الغالبة التي تشير إلى تلك العلاقة ، والتي وجدتْ في صائل جمال الحميري الضحية السهلة ، ليقوم نيابة عن أبيه بسداد ما عليه - بحسب ما يعتقد الخاطفون - من فواتير متأخرة ، جعلت من مأرب - بحسب الممارسة - أشبه بنقطة تفتيش حوثية ، فقدتْ معيارها الأخلاقي لتكون نموذج مدينةٍ ، ستثبت الأيام حقيقتها كقنبلة ، لا يفصلها عن الإنفجار سوى القليل من الوقت . وحينها سيتأكد لنا أن سلطان العرادة قائد عصابة ، لم يكن جديراً بعرش السد وأعمدة التاريخ ...