في الذكرى الـ 59 لعيد الاستقلال استحضرت الجزائر ذكرى أبنائها الذين تم نفيهم خلال فترة الاستعمار الفرنسي إلى مناطق عديدة بأقصى الأرض، حيث أشرف الرئيس عبد المجيد تبون اليوم على تدشين جدارية بوسط العاصمة الجزائر تخليدا لذكراهم.

وقال مستشار الرئيس تبون المكلف بالأرشيف الوطني وملف والذاكرة، عبد المجيد شيخي، بمناسبة تدشين جدارية فنية بساحة الشهيد بوجمعة حمّار، إن “قصة الجزائريين المنفيين إلى أقاصي الأرض من أروع القصص التي يمكن أن تذكي الروح الوطنية وتؤجج المشاعر النبيلة”.

وأوضح في كلمته أن النصب التذكاري الذي “تميز بالبساطة مع العبرة البليغة والرسالة الأصيلة، يروي قصة حشد من أبطال الجزائر وهم يساقون إلى السفينة وسوط الجلاد يدفعهم للركوب، بينما يقف على الجانب الأيمن رجل يفهم من قامته أنه يحمل كل معالم الأصالة والشجاعة يرفع يده وكأنه يستشرف المستقبل بقناعة راسخة أن التضحية لا بد منها. بينما في الجانب الأيسر، يقف فتى يحمل علما منتكسا على أمل أن يكبر ذات يوم ويرفع العالم عاليا مرفرفا”.

واعتبر شيخي أن “حسرات المنفيين وشقاءهم يشكل الدرس البليغ الذي لا بد أن تستخلصه الأجيال المتعاقبة وتشمر عن سواعدها وتنطلق في العمل الخلاق لتكون خير خلف لخير سلف حتى لا تضيع جذوة الوطن وحب الوطن وتبقى الشعلة التي تنير طريقهم”.

ويشار إلى أن الحفل حضره العديد من المسؤولين، على غرار رئيس مجلس الأمة، صالح قوجيل، رئيس الوزراء أيمن بن عبد الرحمن، ورئيس أركان الجيش، الفريق السعيد شنقريحة.

والمنفيون هم الذين طالهم قانون النفي الذي أصدرته السلطات الاستعمارية وعلى إثره تم نفيهم من الجزائر إلى كاليدونيا الجديدة بين عامي 1864 و1921 بسبب مشاركتهم في المقاومة الجزائرية ضد الاستعمار الفرنسي، حيث تم ترحيل 2166 مقاوما جزائريا، أغلبهم من الشباب الذين شاركوا في ثورة المقراني والشيخ الحداد، خلال 42 رحلة إلى الجزء الآخر من المعمورة، ولديهم أحفاد إلى اليوم بكاليدونيا الجديدة ويزيد عددهم عن 15 ألف نسمة.

ومن جهة ثانية كان الرئيس تبون قد أكد في كلمة له بمناسبة ذكرى الاستقلال، على ضرورة معالجة القضايا المتعلقة بالذاكرة الوطنية، برؤية متبصرة بلا تنازل، وبما يراعي حقوقها المترتبة عن ما لحقها من مآس فظيعة، وجرائم بشعة على يد الاستعمار.

وقال الرئيس تبون “إن وفاءنا لشرف الالتزامات التي تعهدنا بها وأقمنا عليها برنامجا وأولويات لخدمة الشعب، سيبقى يقود خطواتِنا بثقة إلى الأهداف المتوخاة، بدعم الوطنيين الغيورين الثابتين على المبادئ النوفمبرية، لمُحاربةِ الفسادِ والتّحايل، وأخلقة الحياة العامة”.

وتابع قائلا: “ولئن اعترى الضباب أنظار المنسَاقين إلى الدعاية والتضليل، مِنْ فَاقِدِي الموضوعيةِ والنّزاهة، الذين لا يتورّعون عن الإساءة للدولة ومؤسساتها.. فإن طريق الوفاء للشهداء، ولعهدنا مع الشعب الجزائري الأبي، واضح المعالــــم والغايـــــات”.

وشدد الرئيس الجزائري أن “الشعب الجزائري عازم على التصدي لكل من تسول له نفسه التطاول على الجزائر القوية بشعبها وجيشها”، مضيفا أنه قادر على دحض نوايا التوجهات المريبة.

وبمناسبة عيد الاستقلال أصدر الرئيس تبون عفوا رئاسيا لصالح الشباب الذين جرى توقيفهم خلال مسيرات الحراك، وجاء في بيان لوزارة العدل، الأحد، أن “رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، أوصى بمناسبة الذكرى الــــ 59 لعيدي الاستقلال والشباب، بتدابير رأفة لفائدة الشباب المتابعين جزائيا والموجودين رهن الحبس لارتكابهم وقائع التجمهر وما ارتبط بها من أفعال”.

وذكر بيان للوزارة أن “الجهات القضائية المختصة شرعت.. في الإفراج عن هؤلاء الأشخاص الذين بلغ عددهم 18 شخصا لحظة تحرير هذا البيان، والعملية مستمرة بالنسبة لغيرهم”.