السراج المنير،إستلهام التراث العربي والتاريخ الإسلامي
الأحد 22 مارس - آذار 2015 الساعة 10 مساءً / يمن ميديا عدد القراءات (2101)
في الوقت الذي أعلن فيه عدد من الشعراء الشباب القطيعة مع التراث العربي ،وحاولوا فيه تجربة الكتابة الإبداعية تحت مسميات جديدة كقصيدة النثر،حملت مضامين جديدة ،وجدها البعض أصدق في التعبير عن روح العصر وأقرب من مشكلاته.نجد أنفسنا أمام ديوان "السراج المنير"للشاعر وليد العليمي والديوان يعد عمل شعري جديد وجاد إستطاع الاتصال بالتراث والتأثر به،وهو لا يستلهم الموضوع فحسب ولكنه يستلهم القالب الفني أيضا. فالهامش في الديوان يمثل متنا موازيا ،بمعنى ،أنه لا يمكن أن نقدم هذا الديوان دون هذه الشروح المبسطة والتي تشكل نصاً موازيا لهذه النص السيري التوثيقي.ٍ
كما أن عزوف الشباب عن القراءة عموماً ،وتهيبهم من قراءة كتب التراث خصوصاً ومنها كتب السيرة النبوية ،لما فيها من توسع وإحاطة وإطالة،يدعونا إلى الإحتفاء بكل أعمال التقريب وشرح التراث ومنها كتابة السيرة النبوية الشريفة شعراً.
إن صياغة سيرة المصطفى الحافلة بالأحداث والمواقف ،هذه السيرة التي تعد مصدرا من مصادر التشريع ،شعرا، تمثل تحدياً حقيقاً لمن يقرر الخوض في هذا النوع من الكتابة . استطاع الشاعر وليد العليمي هنا أن يقف عند المحطات البارزة في سيرة رسولنا الكريم، وخصوصا تلك التي شكلت نقطة تحول في مسيرة الدعوة الإسلامية في مدة ربع قرن مثل نزول الوحي والهجرة النبوية وغيرها من الأحداث المهمة التي تشكل محطات مضيئة في التاريخ الإسلامي. ويتضح بعد قراءة" ديوان السراج المنير"أنه يستوحي مادته الإبداعية ورؤيته الإسلامية من القرآن الكريم أولاً، فالسنة النبوية الشريفة ثانياً،كما أن هناك مصدراً مهما في نسج قصائد الديوان ،يتمثل في كتب التفسير التي فصلت حياة الرسول تفصيلا كبيرا كما يظهر ذلك جليا في تفسير ابن كثير على سبيل التمثيل، إضافة إلى كتب السيرة التي تتمثل في مجموعة من الوثائق والمصنفات التي كتبت حول سيرة الرسول سواء أكانت قديمة أم حديثة وأذكر على سبيل المثال: "السيرة النبوية" لابن هشام، وسيرة ابن اسحق و"الرحيق المختوم" لصفي الرحمن، و"السيرة النبوية"لأبي الحسن الندوي و"فقه السيرة" لسعيد البوطي، و"فقه السيرة" لمحمد الغزالي، و"السيرة النبوية" لمحمد متولي الشعراوي، للسيرة النبوية" " للدكتور مصطفى السباعي، و"نور اليقين" للخضري بك، و"في السيرة النبوية: قراءة لجوانب الحذر والحماية" للدكتور إبراهيم علي محمد أحمد، و"ملخص السيرة النبوية" لمحمد هارون . ديوان "السراج المنير" يد خل في تناص مباشر مع تراث أدبي زاخر عرف في تراثنا العربي بفن المدائح النبوية،أول ما ظهر من شعر المديح النبوي ما قاله عبد المطلب إبان ولادة محمد صلى الله عليه وسلم، إذ شبه ولادته بالنور والإشراق الوهاج الذي أنار الكون سعادة وحبوراً، يقول عبد المطلب: وأنت لما ولدت أشرقت
فنحن في ذلك الضياء وفـــي
وتعود أشعار المديح النبوي إلى بداية الدعوة الإسلامية مع قصيدة "طلع البدر علينا"، وقصائد شعراء الرسول (صلعم) كحسان بن ثابت وكعب بن مالك وعبد الله بن رواحة وكعب بن زهير صاحب اللامية المشهورة:- بانت سعاد فقلبي اليوم متبـــول
وللشاعر العباسي مهيار الديلمي عشرات من القصائد الشعرية في مدح أهل البيت والإشادة بخلال الرسول (صلعم) وصفاته الحميدة التي لاتضاهى ولا تحاكى..
أمن تذكر جيــــــران بذي سلم
أم هبت الريح من تلقاء كاظمة
ويتجلي هذا الفن في العصر الحديث علي يد العديد من الشعراء الكبار أمثال أحمد شوقي في إسلامياته الشهيرة وعلي رأسها همزيته النبوية، والتي قال في مدخلها: ولد الهدي فالكائنات ضياء وفم الزمان تبسم وثناء
هذا إلي جانب قصيدته الشامخة نهج البردة والتي يتحدث فيها عن نهج رسول الله في حياته, وفي دعوته, وكذلك قصيدته التي تعد من أروع قصائد السيرة النبوية, وهي قصيدته سلوا قلبي التي تعد نموذجا كاملا لكل من يريد أن يسجل السيرة النبوية شعرا.
* بعض الخصائص الأسلوبية للديوان
- واعتنى به شيبةُ الحمد
- فياض العرب وسيدهم
- تارك الظلم و الأصنام
- الداعي إلي التوحيدِ و الأخلاق
التشبهات البلاغية :- يعتمد الشاعر في الديوان على سلسلة من التشبيهات البلاغية ،مع قرب في تناول الصورة يقول في وصف الرسول الكريم: - - طيّب رائحتهُ مسكاً
- أزهر اللون أبيض
- استدار وجهه شمساً
- ضليع أشكل العين
- رِبعة من القوم ِ
* التصوير الاستعاري :-
- وُلد النورُ طودا
- وتساقطت في الكعبةِ الأصنام
* الإعتماد على الجمل الفعلية :- جاء البناء الفعلي في صيغة الماضي في مقدمة الأساليب التي اعتمد عليها الشاعر في بناء جمله الشعرية، جاء هذا البناء الفعلي ملائماً من الناحية الفنية لطبيعة السرد القصصي للسيرة النبوية،ومعززا ً لجانب التشويق الحكائي للسيرة العطرة،يقول: وفي قباء أسس مسجداً
- و وصل المدينة بشيرا
- وشيد مسجده فتوهج
- ونزل بدار أبو أيوب
- ووادع أهل الكتاب
- وأسلم "بن سلام" فهما ً
- ورُفع الوباء بدعاء
أخيرا ً فإن هذا الديوان يعد إضافة نوعية للكتابة الإبداعية في اليمن،وأهم مايميزها هو تجربة استلهام التراث العربي والتاريخ الإسلامي بشكل مميز ،وتقديمه في قالب شعري فني محبب. ويمكن ان يكون مرجعا ً في السيرة النبوية وأرى أن يدرّس في المرحلة المتوسطة من التعليم العام .
|
|
قيامك بالتسجيل وحجز اسم مستعار لك سيمكنكم من التالي:- الاحتفاظ بشخصيتكم الاعتبارية أو الحقيقية.
- منع الآخرين من انتحال شخصيتك في داخل الموقع
- إمكانية إضافة تعليقات طويلة تصل إلى 1,600 حرف
- إضافة صورتك الشخصية أو التعبيرية
- إضافة توقيعك الخاص على جميع مشاركاتك
- العديد من الخصائص والتفضيلات
إضغط هنا
إضغط هنا